24 سبتمبر 2009

كاوست (KAUST) والانغلاق العلمي التقني



ليلة أمس كان افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (KAUST) . وهذه المناسبة ينبغي أن تكون مدعاة لفخر كل عربي ، وليس فقط كل سعودي . إذ من خلال أهداف الجامعة التي أُعلنت في الحفل ستصبح فاتحة خير إن شاء الله تعالى للتعليم العلمي البحت والتقني في المنطقة ، وسنلمس نتائجها بعون الله في تحسين البحث المخبري في بلادنا وما يُصاحب ذلك من تحسّن الأحوال الصناعية والزراعية والبيئية وغيرها مما يحتاج إلى بحث جاد ومموّل بلا تقتير .



وما لفت انتباهي في تلك الاحتفالية ، وكان يلفت انتباهي من قبل أن هناك تركيز على عبارة (بيت الحكمة) إشارة إلى بيت الحكمة العباسي الشهير الذي أُسس لجمع العلوم المترجمة والمؤلفة في تلك الفترة بالإضافة إلى تشجيع التأليف والترجمة والمكافأة عليهما .


وأنا كما ظهر من المقدمة ليس لدي موقف سلبي من العلوم البحتة إطلاقاً ، بل هي كغيرها من شتى فروع المعرفة لا تقوم قائمة أمة إلا بوجودها وتميّزها فيه . ولكن لفت نظري أن القائمين على هذا الصرح - وهم من حَسَّن هذا المُسمى - غاب عنهم أن دار الحكمة لم تكن للعلوم الهندسية والتقنية فقط . بل كانت شاملة لكل العلوم بشتى أنواعها وفروعها . وأنا لا أتبرم هنا من عدم شمول الجامعة لجميع التخصصات ، فهي من اسمها جامعة للعلوم والتكنولوجيا - مع أن ذلك لم يمنع MIT الصرح العلمي الأشهر في العالم لهذه التخصصات من إيجاد دراسات إنسانية واجتماعية وفنية ، بل انظر إلى مواد التاريخ التي تُدَرَّس في قسم التاريخ عندهم ، فيها مواد لها علاقة بالتاريخ الوطني ، والقديم ، والحديث إلخ ... ولكن اعتراضي فقط على المسمى الذي ينم عن عدم معرفة إدارة هذه الجامعة لتاريخهم ، ولو كان التاريخ العلمي والتكنولوجي فقط دون سواه . وهذا لا ينبغي أن يكون من خريجي أي جامعة تحترم نفسها بأن يجهل تاريخ تخصصه سواء كان علميا أو أدبيا . فهل كان ابن سينا ، والذي أٌشبعنا بذكره في تلك الاحتفالية أو كلما تحدَّث شخص عن العلوم البحتية ، هل كان طبيباً فقط ؟ أترك الإجابة لمن لم يقتصر على علم دون غيره . بل هل كان ابن خلدون ، والذي ذكره خادم الحرمين الشريفين في خطابه ، تميّز في مجال من مجالات العلوم البحتة ؟ أيضا أترك الإجابة لمن لم يقتصر علمه على E = mc2 .


وأتمنى أن أكون مخطئاً وأن هذا الذي رأيناه البداية والمستقبل يحمل المزيد مع انطلاق دراسة درجة البكالوريوس .


وأخيرا نسأل الله أن يجعل هذه الجامعة وجميع جامعات العالم العربي والإسلامي منارات للعلم النافع ، الذي يعود على أمتنا بخيري الدنيا والآخرة . آمين . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

هناك تعليق واحد: