12 نوفمبر 2016

لماذا تكثف كبرى الجامعات في العالم من التعليم الالكتروني المجاني؟

يعلم المتابع أن كبرى جامعات العالم توفر مجانًا على مواقعها، وعلى منصات متخصصة في التعليم موادًا منتقاه، إما من فصولها الدراسية، أو التي صورت خصيصًا لهذا الغرض في استوديوهات خاصة. وتطرح معها النصوص والمواد المساعدة بحيث تصبح وكأنها حزمة كاملة لتعلم هذه المادة. والحقيقة أن من يستمع لهذه المواد بجدية واهتمام كافٍ، يصبح معادلاً لمن درسها في الفصل، إن ألغينا من اعتبارنا سهولة الوصول إلى الأستاذ للمنتظم أكثر من المتعلم عن بعد.

لكن السؤال، لماذا تطرح تلك الجامعات هذه المواد لمن لا يدفع لها؟ وهي في النهاية جامعات ربحية، تتقاضى مبالغ طائلة من طلابها المنتظمين؟ هناك تفسيرات عِدّة منها ما أعتبره مبالغ في المثالية، ومنها ما أعتبره أقرب إلى الواقع والفكر المؤسسي الربحي. ويمكن أن ألخّص ما اقتنعت في نقاط بسيطة:

أولًا: هذا يدخل في (خدمة المجتمع)، وهو عنصر في التقييم والتصنيف للجامعة من المؤسسات التي تصدر لنا كل عام تصنيف الجامعات العالمية. والحقيقة فإن نصف ما تنفقه الجامعات على سكن الطلاب، ومرافق الجامعة الباذخة، وفرقها الرياضية، كل ذلك تفعله لرفع التصنيف. ومن ثَمّ يرتفع القدر الذي يدفعه الطلاب للدراسة فيها. 

ثانيًا: هناك توجّه حديث في الدول الغربية، خاصة بعد تنامي اليد العاملة الأجنبية، والمظاهرات التي أصبحت شبه دائمة، وغيرها من الوعي المنتشر الذي هو نتيجة طبيعية لتعليم معظم الشعب، كل ذلك يحدو ببعض الدول للتفكير جديًا بتقليل عدد المنخرطين من شعبها في المحيط الأكاديمي. وهذا لا يتأتى بالمنع المباشر، ولكنه ممكن بصنع العراقيل، وتوفير بديل مناسب ليمتص الغضب. فزادت رسوم الدراسة الجامعية زيادات مهولة متوالية، بحيث تصبح تكلفة الحصول على الدرجة العلمية تفوق كثيرًا الفائدة المادية المرجوة منها بقية عمر المتخرج الوظيفي. فبدأ تكرار طرح تساؤل عن فائدة الشهادة الجامعية الفعلية. وهذا يراه المتابع للكتابات عن التعليم العالي مرارًا في الصحافة والمواقع المهتمة بالتعليم العالي. وكل هذا ليس من قبيل المصادفة، ووقع الحافر على الحافر.

ثالثًا: سيعود التعليم الجامعي تدريجيًا، كما كان لقرون عديدة، خاص بطبقات معينة، ونوابغ المجتمع. وهذا واضح تمامًا للمراقب المتمعّن. ولعلك تظن أن في هذا ظلم واجحاف، وأقول: لعلك محق. لكن الذي لا شك فيه أن ما أنتج هذه البطالة العالمية لحاملي الشهادات، هو شعار التعليم الجامعي للجميع. ولعلك تراجع هذا المقال السابق.

أخيرًا، هذا مقال حديث بطرح صريح وواضح، هناك تغيير قادم في التعليم الجامعي ليجعل المفهوم الجديد أشبه بالتعليم المهني، لعلك تجد فيه فائدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق