19 أبريل 2015

منهج الاستقراء في الكتابة التاريخية

      نقرأ كثيرًا في البحوث التاريخية أنها اتبعت منهج الاستقراء. فما منهج الاستقراء؟ الاستقراء يعني: تعميم الحكم الخاص. ولنأخذ مثلاً على ذلك.


      فهذا الكتاب على سبيل المثال ليس له علاقة بالحروب الصليبية، لكن مصمم الغلاف ارتبط في ذهنه التاريخ بالحروب الصليبية. فهل هذا خاص بالمصمم؟ أم يجوز لنا اعتبار ما في ذهن المصمم انعكاس لما في ذهن أفراد مجتمعه جميعا؟ منهج الاستقراء يقرر أن ثقافة هذا المصمم وهواجسه ما هي إلا مرآة لثقافة مجتمعه وهواجسه، ومن ثَمّ فالتعميم مقبول. إذن فمن سيدرس عصرنا في المستقبل -حسب المنهج الاستقرائي- يستطيع أن يقول: إن هذا المجتمع كان يغلب عليه هاجس الحروب الصليبية أكثر من غيره.
      وكما ترى أيها القارئ الكريم، هذا الحكم ليس بعيدًا تمامًا عن الدقة، إلا أنه اختصر المجتمع كله في شخص. فهناك إذن من يرى من المؤرخين أن هذا منهج ناجع، ولا يبعد كثيرًا عن الدقة. وهناك من يرى أنه تجاهل الطبقة التي ينتمي إليها الفرد (المصمم)، وجعل المجتمع كله بجميع فئاته وطبقاته (الدينية، الثقافية، العرقية) فئة وطبقة واحدة، ويرى أن هذا بعيد كل البعد عن الدقة، وتسطيح للرؤية. فكيف يُطبّق هذا الدليل على شخص آخر من المجتمع نفسه له هموم أخرى وقضايا مختلفة؟
     ولذلك ظهرت منهجية أخرى هي منهج الاستنباط. وهو يمثل العكس تمامًا عن منهج الاستقراء، فهويقول بتخصيص العام. 

هناك تعليق واحد: