07 أكتوبر 2020

تعاون مخابراتي بين دولتين لتنفيذ اغتيال سياسي ٧٣٣هـ

     في سنة ٧٣٣هـ كتب ملك العراق التتري أبو سعيد بن خربندا إلى الملك الناصر بن قلاوون، سلطان المماليك في مصر (وكانت علاقتهما هادئة)، يخوّفه من شخصية تَتَرية يشعر بأنها قد تنقلب عليه، وعند ذلك ربما يزول الهدوء بين الدولتين، وتلك الشخصية أمير مغولي اسمه ياسور.
    وأخبر في رسالة إلى السلطان أنه ولحسابات داخلية لا يستطيع الفتك بياسور، ويريد التخلص منه بعيدًا عنه. وأضاف أن ياسور متوجه إلى الحج، وهذه فرصة قد لا تتكرر. فأرسل السلطان الناصر إلى أمير مكة رُمَيثة بن أبي نُمي يأمره بالتحيُّل في قتل ياسور. لكن أمير مكة خشي عواقب ذلك واعتذر. فأعدَّ رسول السلطان، وهو أمير مملوكي اسمه بَرْسْبُغا، بعض نجّابته من العُربان لقتل ياسور، وأغراه بمال كثير. فلما قضى الحجاج النُّسك من الوقوف بعرفة والنَّحر، توجه ياسور إلى الجمرات، فاغتاله النجّاب هناك، وهرب إلى الجبل، فتبعه مماليك بَرْسْبُغا وقتلوه لئلّا  يبوح بتدبير سيدهم معه، وزعموا أنهم إنما قتلوه قودًا بياسور. لم يصدّق أتباع ياسور ذلك الزعم، لكن ليس عندهم دليل على تدبير بَرْسْبُغا. 

    هذه القصة مشهورة متداولة في الكتب التي دُوِّنت في ذلك العصر، ولكن لا نعرف بالضبط مَن مصدرها؛ لذلك لا تهمنا هنا دقّة وصحة أخبارها. الذي يهمنا أن المفهوم كان موجودًا وليس غريبًا على أهل ذلك العصر:

١- تدبير سرّي بين دولتين لاغتيال شخصية سياسية.

٢- تجنيد طرف ثالث لتنفيذ العملية.

٣- التخلُّص السريع من منفذ العملية والتبرُّؤ منها.

    يظن البعض أن هذه الخطط المعقّدة مُتعدِّدة الأطراف وليدة عصرنا الحاضر، ومن تتبعها في كتب التاريخ وجد منها أمثلة كثيرة في الشرق والغرب تفوق الحصر. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق